(1) الطفل الإمام
إنه عمرو بن سلمة ، كان يؤم قومه وهو ابن سبع
سنوات، لأنه كان أكثرهم حفظاً.
قال : قال لي أبو قلابة: ألا تلقاه – يعني النبي ، فتسأله..
قال عمرو بن سلمه: فلقيته فسألته.
قال: وكان يمر بنا الركبان فنسألهم: ما
للناس؟ ما هذا الرجل؟
فيقولون: يزعم أن الله أرسله وأوحي إليه
بكذا ؟ فكنت أحفظ ذلك الكلام، وكأنما يقر في صدري..
فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم،
وبدر أبي وقومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي حقا، فقال:
«صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة، فليؤذن أحدكم،
وليؤمكم أكثركم قرآنا» فنظروا، فلم يكن أحد أكثر قرآن مني لما كنت أتلقى الركبان، فقدموني
بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين( ).
فانظر يا فتى الإسلام إلى علو همة هذا الطفل
الصغير، الذي ذهب بنفسه إلى النبي ،
وسأله عن هذا الدين، وكان يحفظ ما يذكره الركبان من القرآن، حتى صار أكثر قومه قرآنا،
فاستحق أن يكون إماماً لهم في الصلاة، وهو في السادسة أو السابعة من عمره..
(2) الحفاظ الصغار
قال الشافعي رحمه الله: حفظت القرآن وأنا
ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر.
وقال سهل التستري: مضيت إلى الكتاب، فتعلمت
القرآن وحفظته، وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين.
أما ابن سينا فلما بلغ عشر سنين من عمره،
كان قد أتقن القرآن العزيز.
*قال إبراهيم بن سعيد الجوهري: رأيت صبيا
ابن أربع سنين، قد حمل إلى المأمون، قد قرأ القرآن، ونظر في الرأي، غير أنه إذا جاع
يبكي ( )!!
(3) الطفل الداعية
قال محمد بن ظفر المكي: بلغني أن أبا يزيد
طيفور بن عيسى لما حفظ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا [المزمل: 1-2].
قال لأبيه: يا أبتي! من الذي يقول الله
تعالى له هذا؟
قال: يا بني ! ذلك النبي محمد .
قال أبو يزيد: يا أبتي ! ما لك لا تصنع
كما صنع النبي ؟
قال: يا بني ! إن قيام الليل خصص بافتراضه
النبي دون
أمته.. فسكت عنه أبو يزيد.
فلما حفظ قوله سبحانه وتعالى: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ
أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ
مَعَكَ [المزمل:20].
قال: يا أبتي! إني أسمع أن طائفة كانوا
يقومون الليل، فمن هذه الطائفة؟
قال: يا بني! أولئك الصحابة رضوان الله
عليهم أجمعين.
قال أبو يزيد: يا أبتي ! فأي خير في ترك
ما عمله النبي
وأصحابه؟
قال: صدقت يا بني، فكان أبوه بعد ذلك يقوم
من الليل ويصلي.
فاستيقظ أبو يزيد ليلة، فإذا أبوه يصلي،
فقال: يا أبت! علمني كيف أتطهر وأصلي معك.
فقال أبوه: يا بني ! ارقد، فإنك صغير بعد..
قال أبو يزيد: يا أبتي ! إذا كان يوم يصدر
الناس أشتاتا ليروا أعمالهم، أقول لربي: إني قلت لأبي: كيف أتطهر لأصلي معك، فأبي،
وقال لي: ارقد، فإنك صغير بعد، أتحب هذا؟
فقال له أبوه: لا والله ي(4) الحافظ الأصفهاني
قال أبو محمد عبد الله بن محمد الأصفهاني:
حفظت القرآن ولي خمس سنين، وحملت إلى أبي بكر المقرئ لأسمع ولي أربع سنين.
فقال بعض الحاضرين: لا تسمعوا له فيما قرأ،
فإنه صغير، فقال لي ابن المقرئ: اقرأ سورة (التكوير) فقرأتها.
فقال لي غيره: اقرأ سورة (المرسلات) فقرأتها،
ولم أغلط فيها.
فقال ابن المقرئ: اسمعوا له، والعهدة علي
( ).
(5) تعلم لغة أجنبية في 15يوماً فقط
إنه زيد بن ثابت ،
جاء به قومه إلى النبي مفاخرين به فقالوا: هذا غلام من بني النجار، معه
مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة، فأعجب ذلك النبي
وقال: «يا زيد! تعلم لي كتاب يهود، فإني والله ما آمن يهودا على كتابي».
قال زيد: فتعلمت كتابهم، ما مرت بي خمس
عشرة ليلة، حتى حذقته، وكنت أقرأ له كتبهم إن كتبوا إليه، وأجيب عنه إذا كتب( ).
فأين هذه الهمم أيها الطلاب النجباء؟! ا
بني، ما أحب هذا، وعلمه، فكان يصلي معه!
أوسعوا للشيخ الصغير
قال النصر الهلالي: كنت في مجلس سفيان بن
عيبنة، فنظر إلى صبي دخل المسجد، فكأن أهل المجلس تهاونوا به.
فقال سفيان: كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ
اللَّهُ عَلَيْكُمْ
[النساء: 94].
ثم قال: يا نضر! لو رأيتني ولي عشر سنين،
وطولي خمسة أشبار، ووجهي كالدينار، وأنا كشعلة نار، ثيابي صغار، وأكمامي قصار، وذيلي
بمقدار، ونعلي كآذان الفار، أختلف إلى علماء الأمصار، مثل الزهري وعمرو بن دينار، أجلس
بينهم كالمسمار، محبرتي كالجوزة، ومقلمتي كالموزة، وقلمي كاللوزة، فإذا دخلت المجلس
قالوا: أوسعوا للشيخ الصغير. ثم تبسم ابن عيينة وضحك( ).
(7) صبي يحفظ خمسة عشر ألف حديث
قال بعض المحدثين: كان البخاري يختلف معنا
إلى السماع وهو غلام، فكنا نكتب ولا يكتب، فأكثرنا عليه في ذلك.
فقال: إنكما قد أكثرتما عليّ، فاعرضا عليّ
ما كتبتما، فأخرجنا إليه ما كان عندنا، فزاد على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلها عن
ظهر قلب، حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه.
ثم قال: أترون أني أختلف هدراً، وأضيع أيامي!!
فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد( ).
(8) صبي اسمه ابن تيمية
انبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه،
وقوة حافظته، وسرعة إدراكه، واتفق أن بعض مشايخ العلماء بحلب قدم إلى دمشق وقال: سمعت
في البلاد بصبي يقال له: أحمد بن تيمية، وإنه سريع الحفظ، وقد جئت قاصداً لعلي أراه.
فقال له خياط: هذه طريق كُتّابه، وهو إلى
الآن ما جاءنا، فاقعد عندنا، الساعة يجيء يعبر ذاهبا إلى الكتاب. فجلس الشيخ الحلبي،
فمر صبيان، فقال الخياط: ها ذاك الصبي الذي معه اللوح الكبير هو أحمد بن تيمية.
فناداه الشيخ، وتناول اللوح منه، فنظر فيه،
ثم قال له: امسح يا ولدي هذا حتى أملي عليك شيئا تكتبه، ففعل، فأملى عليه من متون الأحاديث
أحد عشر أو ثلاثة عشر حديثاً، وقال له: اقرأ علىّ هذا، فلم يزد على أن تأمله مرة بعد
كتابته إياه، ثم دفعه إليه وقال: اسمعه عليّ!، فقرأه عليه عرضا كأحسن ما أنت سامع،
فقال له: يا ولدي! امسح هذا، ففعل، فأملي عليه عدة أسانيد انتخبها، ثم قال: اقرأ هذا،
فنظر فيه كما فعل أول مرة، ثم أسمعه إياه كالأولى، فقام الشيخ وهو يقول: إن عاش هذا
الصبي، ليكونن له شأن عظيم، فإن هذا لم ير مثله ( ).
(9) ذكاء ابن عمر
روى البخاري وغيره عن عبد الله بن عمر رضي
الله عنهما – وكان دون الحلم – أن رسول الله قال: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل
المسلم، فحدثوني ما هي؟».
فوقع الناس في شجر البوادي. قال عبد الله
بن عمر: ووقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت.
ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال:
«هي النخلة» وفي رواية: فأردت أن أقول هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم.
وفي رواية: «ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان،
فكرهت أن أتكلم، فلما قمنا، حدثت أبي بما وقع في نفسي فقال: لئن تكون قلتها أحب إلى
من أن يكون لي حمر النعم» ( ).
(10) فتى يرحل في طلب العلم
قال علي بن عاصم: خرجت من واسط إلى الكوفة،
أنا وهشيم، لنلقي منصوراً، فلما خرجت من واسط، وسرت فراسخ، لقيني إما معاوية، وإما
غيره، فقلت: أين تريد؟
قال: أسعى في دين عليّ.
فقلت: ارجع معي، فإني عندي أربعة آلاف درهم،
أعطيك منها.
فرجعت، فأعطيته ألفين، ثم خرجت.
فدخل هشيم الكوفة بالغداة، ودخلتها بالعشي،
فذهب هشيم، فسمع من منصور أربعين حديثاً، ودخلت أنا الحمام، فلما أصبحت، مضيت، فأتيت
باب المنصور، فإذا جنازة، فقلت: ما هذه؟
قالوا: جنازة منصور!
فقعدت أبكي. فقال لي شيخ هناك: يا فتى
! ما يبكيك؟
قلت: قدمت على أن أسمع من هذا الشيخ، وقد
مات.
قال: أفأدلك على سن شهد عُرْسَ أمِّ هذا؟
قلت: نعم.
قال: اكتب: حدثني عكرمة عن ابن عباس.
قال: فجعلت أكتب عنه شهراً. فقلت له: من
أنت رحمك الله.
قال: أنت تكتب عني منذ شهر ولم تعرفني؟
أنا حصين بن عبد الرحمن، وما كان بيني وبين أن ألقي ابن عباس إلا سبعة دراهم، أو تسعة
دراهم، فكان عكرمة يسمع منه ثم يجيء فيحدثني ( ).
فانظر – رعاك الله – إلى تضحية هذا الفتى،
الذي بذل نصف ماله، وبذل من وقته، وهجر الأوطان، فتأخر عن لقاء الشيخ منصور، فهيأ الله
تعالى له شيخا هو شيخ المشايخ وأستاذهم آنذاك: حصين بن عبد الرحمن، وما ذاك إلا دليل
على شدة إخلاصه في طلب العلم،
وصدق المحبة لرسول الله ( ).
(11) معلم قرآن عمره ثلاث سنوات
وهذه هي قصتنا الأخيرة – أخي الطالب النجيب
– وهي ليست من قصص السابقين، بل هي من قصص أطفال المسلمين في هذه العصر.. إنه الطفل
الذي التقى به الشيخ سعود الشريم أثناء زيارته إلى جنوب أفريقيا..
لقد شاهد الشيخ هذا الطفل الذي لم يتجاوز
الثالثة من عمره، في إحدى قاعات مركز (يولزافارم) الإسلامي، شاهده وهو يحفظ أقرانه
التشهد الأول والتشهد الأخير، وعدداً من الأدعية المأثورة، وبعض قصار السور القرآنية،
بطريقة جادة وجذابة، حيث كان 35 طفلاً بالقاعة يرددون وراء الطفل سليمان العبارات والكلمات،
وفي حديث طفولي عذب وابتسامة عريضة على محياه، قال الطفل سليمان: لا يمكن أن أصف مشاعري،
ومشاعر إخواني، ونحن ندرس في القاعة التي وفرها لنا مركز التوحيد الإسلامي، ونحن عازمون
على حفظ القرآن الكريم، وتعلم السنة النبوية والشريعة، والتفقه في الدين، كي نسهم في
إثراء الدعوة إلى الله في بلادنا ( ).
فيا فتى الإسلام! دونك هذه النماذج المشرقة
فاحتذيها، وتأس بها، واسترشد بهديها، وأنر دربك بأنوارها، فما أعظم حاجتنا إلى مثل
الفتية الذين تشرف بهم أي أمة، وتبنى بهم
أي حضارة، ويحرز بهم أي نصر ومجد.
إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ
وَزِدْنَاهُمْ هُدًى
[الكهف:13].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق