الاثنين، 17 نوفمبر 2014

طريق السعادة



طريق السعادة

 


السعادة .. ما هي؟

علينا أن نفرق بين السعادة كحالة دائمة

وبين أمور مفرحة تسعد الإنسان لدقائق أو أيام

        من الطبيعي أن نسعى لأن نعيش حياة سعيدة وأن نبحث عن السعادة فكل إنسان عاقل يريد أن يبتعد عما يكدره وما يشقيه ويقترب مما يفرحه ويسعده ولهذا نجد الإنسان يفكر ويخطط ويعمل حتى يحقق ما يريد أي حتى يكون سعيدا، ولا شك أن بعضنا يظن أن السعادة في الحصول على المال ولكننا نعلم أن الغنى لا يجعل الإنسان سعيدا ولقد قيل ((إن الفقراء يعتقدون إن السعادة في المال في حين أن الاغنياء ينفقون المال بحثاً عن السعادة)) وبعضنا يظن أن السعادة في الزواج أو حياة العزوبية أو المنصب أو الشهادة أو غيرذلك ولكننا نعلم أيضاً أن السعادة ليست في الزواج وليست في المناصب أو الشهادات. فما هي السعادة إذن؟ وكيف يمكننا أن نعيش سعداء؟ ان علينا أولا ان نفرق هنا بين السعادة كحالة دائمة وبين أمور مفرحة تسعد الانسان لدقائق أو ايام فالحصول على الشهادة مثلا يفرح الانسان ولكن لا يجعله سعيدا وكذلك علينا أن نوضح ان المصائب كموت احد الاقارب أو غير ذلك تحزن الانسان ولكن قد لا يجعله مهموما شقيا قال ابن القيم قال بعض العلماء "فكرت فيما يسعى فيه العقلاء فرأيت سعيهم كله في مطلوب واحد وان اختلفت طرقهم في تحصيله رأيتهم جميعهم انما يسعون في دفع الهم والغم عن نفوسهم فهذا بالاكل والشرب وهذا بالتجارة والكتب وهذا بالنكاح وهذا بسماع الغناء والاصوات المطربة وهذا باللهو واللعب فقلت هذا المطلوب مطلوب العقلاء ولكن الطرق كلها غير موصلة إليه بل لعل اكثرها إنما يوصل إلى ضده ولم أر في جميع هذه الطرق طريقاً موصلة إليه الا الاقبال على الله ومعاملته وحده وايثار مرضاته على كل شئ فان سالك هذه الطريق ان فاته حظه من الدنيا فقد ظفر بالحظ الغالي الذي لا فوت معه وان حصل للعـبد حصل له كل شئ وان فاته فاته كل شئ وان ظـفر بحظه من الدنيا ناله على أهنا الوجوه فليـس للعبد أنفع من هذه الطـريق ولا أوصل منها إلى لذته وبهجته وسعادته وبالله التوفيق السعادة إذن في الراحة النفسية والتي لا تتم الا بالقرب من الله والسعادة أيضا في المقدرة على التعامل مع افراح ومصائب الحياة بكفاءة. وحتى تتضح صورة السعادة نقول ان المجتمع الغربي ليس سعيداً مع كل ما يملكه من مستوى مادي مرتفع وحريات كثيرة فالقلق والملل من الأمراض الرئيسية للحضارة الغربية.

نور الحقائق الكبرى

عقائد البشر وأراؤهم وأهدافهم كثيرة جدا ومتنوعة ومتناقضة فمن البشر من يؤمن بوجود الله كالمسلمين والنصارى واليهود ومنهم من هو ملحد ومنهم من يؤمن بمصلحته أو لذته ومنهم من تحركه مفاهيم عنصرية فيتعصب لشعب أو أمة ومن الناس من يقلدون الآباء أو الزعماء أو الفلاسفة والحكماء ومنهم من هو ضائع لم يستقر على عقيدة والمؤمنون بوجود الله ينقسمون الى أديان وطوائف وفرق ويختلفون في بعض أو كثير من العقائد والاحكام وان تشابهوا في بعضها فالعقيدة في صفات الله سبحانه وتعالي فيها اختلاف كبير ليس فقط بين من يؤمنون بالله بل حتى بين من يدينون بالاسلام ولهذا اظهرت الفرق الكثيرة واختلف الناس حول القوانين العادلة فأصبحت هناك دساتير وأنظمة وقوانين متناقضة وكل أصحاب مبدأ أو دين وحزب يرون أن ما يتبنون هو الحق وما عداه باطل فما يراه البعض مثلا من الامور الاجتماعية حلالا وحقا يراه أخرون حراما وباطلا. وباختصار شديد الاختلافات بين البشرية فيما يعتقدون أنها حقائق كبرى كثيرة ولن يصل إلى السعادة من يسير في ظلام عقائد مشوهة أو شرائع ظالمة أو اقتناعات خاطئة لأنه سيصطدم بالعقل الواعي وبالفطرة البشرية السليمة فالنفس تسعد في ظل العقائد الصحيحة والاحكام العادلة والحقوق والواجبات المنصفة فكما أن من لا يعرف حقائق الفيزياء والهندسة والطيران لن يتمكن من الطيران فكذلك لن يتمكن من يجهل الحقائق الفكرية من أن يعيش حياة سعيدة فلن يرى السعادة من يفضل طبقة على أخرى أو يعبد مصلحته أو يتبع الخرافات والاوهام فاصحاب العقائد الباطلة يتخبطون في سيرهم ويرتكبون كثيرا من الاخطاء السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهذا واقع مشاهد فعقائد الشيوعيين. أنتجت الاستبداد والفقر والكسل وعقائد الغرب أنتجت الحروب والانانية والامراض النفسية والجنسية والخوارج تبنوا عقائد منحرفة فكفروا كثيرا من الناس فحصدوا العنف والشر والاسلام الصحيح هو الطريق للحقائق الكبرى والصغرى والعلاقة بين نور الحقائق وبين السعادة هي علاقة  وثيقة جدا فمن الحقائق الكبرى أن الاطمئنان النفسي لا يأتي من سلطة أو ثروة أو قبيلة أو عائلة أو حلف بل يكون من نصيب من يحميه الله العزيز الجبار القادر فمن كان الله معه فل يحزن وممن يخاف ولمن يحتاج؟ اليس من المفروض أن نؤمن كمسلمين بأن الله على كل شئ قدير وأنه وحده القادر على أن ينصرنا ويعزنا ويبدل أحزاننا أفراحا وفقرنا غنى وضعفنا قوة ومرضنا صحة وأن نعلم أن الله يعز من يشاء ويذل من يشاء ويحيط بكل شئ علما فيعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور وأهم الحقائق الكبرى يتعلق بصفات الله وأسمائه قال ابن القيم رحمه الله: "فاطيب ما في الدنيا معرفته ومحبته وألذ ما في الجنة رؤيته ومشاهدته فمحبته ومعرفته قرة العيون ولذة الارواح وبهجة القلوب ونعيم الدنيا وسرورها بل لذات الدنيا القاطعة عن ذلك تنقلب آلاما وعذابا ويبقى صاحبها في المعيشة الضنك فليست الحياة الطيبة الا بالله".

الطريق الى السعادة

من الحقائق الثابتة في الكتاب والسنة أن السعادة في الدنيا هي من نصيب المؤمنين وأن الشقاء هو للكافرين والعصاة وهذه الحقيقة من سنن الله في الكون والادلة على قولنا هذا كثيرة نذكر منها:

1-  قال تعالي ﴿قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى(123) ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى(124)﴾ سورة طه. خاطب الله بهذه الأية أدم وحواء وبين لهما ان من اتبع هداه ودينه فلا يضل ولا يصيبه الشقاء أما من عصى وكفر فله الشقاء والمعيشة الضنك في الحياة الدنيا وله العمى يوم القيامة وبهذه الاية بين الله للانسان الاول ولكل انسان أن معرفة دينه وطاعته هي الطريق الى السعادة وان جهل دينه والمعاصي والكفر هي الطريق الى الشقاء.

2-  قال تعالي ﴿أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم؟ ساء ما يحكمون (21) وخلق الله السموات والارض بالحق ولتجزي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (22) ﴾ سورة الجاثية.

3-  قال ابن القيم "والأبرار في النعيم وان اشتد بهم العيش وضاقت عليهم الدنيا والفجار في جحيم وان اتسعت عليهم الدنيا قال تعالى ﴿من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة(97)﴾ سورة النحل"

4-  قال ابن القيم قال تعالي ﴿ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى﴾ وفسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر ولا ريب أنه من المعيشة الضنك والاية تتناول ما هو أعم منه وان كانت نكرة في سياق الاثبات فان عمومها من حيث المعنى فانه سبحانه رتب المعيشة الضنك على الاعراض عن ذكره فالمعرض عنه له من ضنك المعيشة بحسب اعراضه وان تنعم في الدنيا باصناف النعم ففي قلبه من الوحشة والذل والحسرات التي تقطع القلوب والاماني الباطلة والعذاب الحاضر ما فيه وانما يواريه عنه سكرات الشهوات والعشق وحب الدنيا والرياسة وان لم ينضم الى ذلك سكر الخمر فسكر هذه الامور أعظم من سكر الخمر فأنه يفيق صاحبه ويصحو وسكرالهوى وحب الدنيا لا يصحو صاحبه الاذا كان صاحبه في عسكر الاموات فالمعيشة الضنك لازمة لمن أعرض عن ذكر الله الذي أنزله على رسوله (e) في دنياه وفي البرزخ ويوم ميعاده ولا تقر العين ولا يهدأ القلب ولا تطمئن النفس الا بالهها ومعبودها الذي هو حق وكل معبود سواه باطل فمن قرت عينه بالله قرت به كل عين ومن لم تقر عينه بالله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات والله تعالى انما جعل الحياة الطيبة لمن أمن به وعمل صالحا كما قال تعالى ﴿من عمل صالحا من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (97)﴾

سورة النحل. فضمن لاهل الايمان والعمل الصالح الجزاء في الدنيا بالحياة الطيبة والحسنى يوم القيامة فلهم أطيب الحياتين فهم أحياء في الدارين"

مثقونا ..... وتعاسة الغرب

        ان احد الاسباب الرئيسية لافتقادنا السعادة تأثرنا بمفاهيم وعقائد وعادات غربية ضارة، فكما استوردنا أشياء كثيرة مفيدة من الغرب وخاصة في مجال التكنولوجي فكذلك استوردنا كثيرا من الشقاء لاننا قلدنا الانسان الغربي في كثير من أهدافه وعقائده وأخلاقه ونظمه التعليمية واستيراد الشقاء الغربي يرجع إلى أننا كشعوب وأفراد أرهقنا تخلفنا السياسي والتكنولوجي والاداري فتنكرنا لكل ما عندنا من خير وشر وسحرتنا الحضارة الغربية فاصبح المثقف في نظرنا هو من يتكلم بلغة الغرب ويستشهد بأقواله ويعرف ثقافته واصبحت المراة المثقفة والمتحضرة هي التي تتابع الموضة وتعرف الماركات العالمية في الملابس والاحذية والعطور وهي التي زارت أو تحلم بزيارة لندن وباريس. نفعل كل هذا وغيره لاننا نعتقد أن الانسان الغربي سعيد ومتحضر فهل هو كذلك؟ وهل الحضارة الغربية حضارة راقية؟ قبل الإجابة على هذا السؤال نقول ان انتقادنا حضارة الغرب لا يتضمن بصورة مباشرة أو غير مباشرة تبريراً أو رضى عن واقعنا، فواقعنا له ايجابياته وسلبياته وهو ليس موضوع نقاشنا في هذا المقال كما ان ذكر تخلف الغرب في مجالات ليس معناه أن الغرب لم يحقق التقدم والتطور في مجالات اخرى، فلا شك أن الغرب متقدم جدا في مجالات الصناعة والزراعة والطب والسياحة وغير ذلك والادلة التي تبين تخلف الغرب وشقائه كثيرة نذكر منها:


(1) تبين الاحصائيات أن الحضارة الغربية حضارة متخلفة وإليكم ما تقوله هذه الاحصائيات:

( أ ) بلغ عدد جرائم القتل في الولايات المتحدة سنة 1986 – 19.526 جريمة قتل أي 100 جريمة لكل مليون أما في الكويت فكانت هناك 19 جريمة قتل 1986 أي 10 لكل مليون.

(ب) بلغت عدد الجرائم في أمريكا في سنة 1986 حوالي عشرة ملايين جريمة أي ما يعادل حوالي 5% من عدد السكان ارتكبوا جرائم في حين أن عدد الجرائم في الكويت في 1987 كان 11.171 جريمة أي ما يعادل 0.6% من عدد السكان أي أن معدل الجرائم في الولايات المتحدة هو ثمان أضعاف معدلها في الكويت.

(حـ) نسبة حالات الطلاق إلى الزواج في الولايات المتحدة في سنة 1986 هي 48% في حين أنها في مصر 18% في سنة 1984 أما في الكويت فكانت النسبة 27% في سنة 1987.

( د ) سجلت سنة 1986 في أمريكا 72.626 جريمة اغتصاب وحصلت حوالي سبعمائة الف جريمة تعاطي المخدرات وبلغت حالات الإجهاض في سنة 1983 1.574.000 (مليون وخمسمائة وأربع وسبعون ألف) أما عدد الأطفال غير الشرعيين فكان سنة 1985- 828.200 طفل (ثمانمائة وثمانية وعشرون ألف ومائتا طفل) وهؤلاء يشكلون 22% من المواليد في تلك السنة في حين نسبة الاطفال غير الشرعيين في سنة 1960 كانت 5.3% ولا شك أن الفرق شاسع بين الولايات المتحدة والوطن العربي في احصائيات جرائم الاغتصاب والايدز والمخدرات والابناء غير الشرعيين، وهذه الاحصائيات تبين بوضوح أن عالمنا العربي أكثر تقدما في الجانب الاجتماعي مقارنة مع الغرب فكيف لو تمسكنا أكثر بالأسلام؟!

(2) ان الغرب لا يعرف هل الله واحد أو ثلاثة ولا يعرف صفات الله، ولا الهدف من خلق الإنسان ولا أين يذهب من يموت من البشر ولا يعرف الصواب من الخطأ في قصص الانبياء فهم لديهم معلومات كثيرة وحقائق قليلة ولديهم ثقافة لا علم قال تعالى "يعلمون ظاهراً من الحياة وهم عن الأخرة غافلون" (7) سورة الروم. وهذا الضياع جعل عقائد الغرب متناقضة كالرأسمالية والشيوعية والعلمانية والفلسفات القديمة والحيثة وما أكثر فلاسفتهم ومفكروهم الذين يتباهون بهم، فطالما سمعنا عن سقراط وهو احد أكبر فلاسفتهم والذي قال "انني جاهل وأعرف إني جاهل وأما هم فجهلة ويجهلون أنهم يجهلون"  وسقراط صادق في قوله فهو يعترف أنه احتار في فهم الكون والإنسان وحكماء الغرب الحاليون على شاكلة حكيم اليونان وفيلسوفها قديما فأقوالهم يختلط فيها الحق بالباطل والصواب بالخطأ أما علمؤنا فهم يعلمون ويعلمون أنهم يعلمون وعلى رأسهم الرسول صلى الله عليه وسلم وابن عباس والشافعي وابن حنبل وابن تيمية وغيرهم كثيرون قال رسول الله صلى الله علية وسلم "فوالله أني لأعلمهم بالله واشدهم له خشية" .

 (3) تجعل الحضارة الغربية المال في رأس إهتماماتها وأهدافها ونشاطها وتفكيرها ولهذا فحضارتهم حضارة مادية أو رأسالمية، ودول هذه الحضارة على استعداد لان تشعل الحروب وتضطهد الشعوب وتدبر الانقلاب من أجل الحفاظ على مصالحها المادية، والدول الغربية هي الدول الاستعمارية خلال القرون الثلاثة الماضية. ولا تزال دولهم لا تطبق العدل والمساواة والحرية عندما تتعارض مع مصالحهم الاقتصادية وتاريخ الاستعمار فيه الكثير من الادلة على جرائم الغرب، فقد أعادوا عهود الرقيق وساندوا الانظمة العنصرية واستنزفوا الثروات وأشعلوا الفتن والحروب وقتلوا الاحرار وعذبوهم فأين هم من العدل والمساواة والحرية؟ وعندما يقتصر العدل على شعب أو أمة ويمنع عن البقية فهذا دليل تخلف وليس معنى قولنا هذا أنه لا توجد جوانب إنسانية في الغرب بل توجد ولكن الاولوية تعطي للمصالح وليس للمبادئ فالمال أعمى بصائرهم قال جون جونز في كتابه في داخل أوربا " ان الانجليز يعبدون بنك انجلترا ستة أيام في الأسبوع ويتوجهون في اليوم السابع إلى الكنيسة"  ومن قلد الغرب في مناهجه أصيب ببعض شقائه وتخلفه قال محمد اقبال "مسلمون ولكن عقولهم تطوف حول الاصنام، ان الافرنج قد قتلوه من غير حرب وضرب عقول وقحة، وقلوب قاسية، وعيون لا تعف عن المحارم، وقلوب لا تذوب بالقوراع، كل ما عندهم من علم وفن ودين وسياسة، وعقل وقلب، يطوف حول الماديات قلوبهم لا تتلقى الخواطر المتجددة وأفكارهم لا تساوي شيئاً حياتهم جامدة، واقفة، متعطلة" .

(4) من الامور المعروفة أن النظافة دليل تقدم وأن القذراة دليل تخلف ونظافة الاجسام عندنا واجب شرعي وعند الغرب كانت ولا زالت قناعات شخصية وقبل قرون قليلة فقط كان الانجليز نادرا ما يستحمون في حين أن المسلمين الملتزمين ومنذ أربعة عشر قرنا يستحمون على الاقل كل اسبوع مرة ولو قارنا بين أحكام الاسلام واحكام الغرب في الزواج والطلاق والاخلاق وبر الوالدين والبيع والربا والخمر وغير ذلك لاتضحت جوانب من تقدمنا وتخلفهم فاحكام الطلاق تتغير عندهم باستمرار فقد كان الطلاق محرما الا في حالات نادرة فلما إكتشفوا ضرر ذلك اباحوه واختلفوا في احكامه والحقوق المترتبة عليه وتخلف الغرب في الاحكام شئ طبيعي وذلك لان احكامهم وضعية تصيب في جوانب وتخطي في جوانب أخرى في حين ان احكام الاسلام شرعها الله سبحانه وتعالى وهو يعرف النفس البشرية وما يناسبها قال تعالى "الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" (14) سورة الملك وقد لا يشعر البعض بتقدمنا أو بتخلف الغرب وذلك لأن الغرب نجح نجاحاً كبيرا باعلامه الذكي في اظهار عيوبنا وأخطأئنا وفي ستر عيوبه وأخطائه فهو يتهمنا بالهمجية حتى لو أعدمنا مجرما واحدا في حين أن ضحايا الحرب العالمية الثانية كانوا أكثر من أربعين مليونا اغلبهم من المدنين، فمن الهمجي؟ وليت الغرب يشرح لنا كيف تم اقتسام الشعوب والاراضي بين الحلفاء بعد انتصارهم في هذه الحرب؟ أليس من النفاق انه في نفس الوقت الذي كان يتم فيه توزيع "الغنائم" كان يتم إنشاء هيئة الأمم المتحدة كأن الغرب حريص فعلا على العدل والحرية وعموما فان تخلف الغرب واضح في ظلمه وشرائعه واخلاقه ، ولكن هناك من لا يريد أن يراه، وتكاد تكون الحريات ودور الشعب في الحكم هما المجالين الذين حقق فيهما الغرب نجاحاً كبيراً فكراً وممارسة.

 

(5) عدد الابناء المجهولي الأب أو الوالدين في الغرب عدد كبير ولا يشفع للغرب أن يوفر لهؤلاء الأطفال حضانات، فحنان الأم لا يعوضه أي شئ وقيم الغرب وعقائده واهدافه حطمت الكثير من الأسر، ودعونا نتأمل صورة ونفسية طفل لا يعرف أمه او ابيه أو كليهما، كم ارتكب المجتمع بحق هذا الطفل البرئ من جرائم ومن قال أن الانسان حر في أن يمارس الجنس ثم يلقي نتيجة لذته في الشارع ليضيع طفل رضيع ان مثل هذا الانسان رجلا أو أمراة يرتكب جريمة من اكبر الجرائم في حق الانسانية لانه سلب من طفل رضيع حق أن تكون له أم وأب واخوة وأسرة، وقارنوا هذا الوضع باطفال الامة الاسلامية الذين يعيشون مع اسرهم وفي كل الاحوال يعرفون اباءهم وأمهاتهم وما أعدل واحكم قوانين الشريعة الإسلامية التي تنصفنا أطفالاً ورجالا ونساءا وتعلمنا حدود الحريات الصحيحة.

كم من مريد للخير لن يصيبه!

قال عمر بن عبالعزيز رضي الله عنه:

" من عبدالله بغير علم كان يفسد أكثر مما يصلح".


الأهداف العامة لكثير من العقائد والسياسات والنظم أهداف نبيلة لاغبار عليها ومع ذلك نجد أن الأفراد المخلصين من حملة المبادىء لايحققون السعادة التي يريدونها لقومهم أو للبشرية أي أن نواياهم الطيبة وإخلاصهم لم تكن كافية لتحقيق ما يريدون بل أن بعض هؤلاء المخلصين قد يصبحون من أكثر الناس إجراما واستبداد وشرا، فالشيوعية مثلا هدفت إلى إنصاف الفقراء والعمال ومساواة البشر وحققت جزءا من أهدافها ولكنها أنتجت كذلك الاستبداد والتخلف الاقتصادي والأنظمة البوليسية ومنعت الناس حتى من حرية الخروج والهرب من الجنة الشيوعية المزعومة بل حتى هدف القضاء على الفقر وهو الهدف الذي قامت من أجله فشلت في تحقيقه. فالعالم الغربي أكثر غنى ورفاهية من العالم الشيوعي، والرأسمالية الغربية حملها المؤمنون بالحرية والعدل والمساواة وحقق المخلصون بعض أهدافهم ولكنهم فشلوا في قضايا مهمة فقد عبدوا المال وتفككت الأسرة وأنتجت الحضارة الغربية الاستعمار والقلق والايدز والمخدرات وغير ذلك،والبوذية ركزت على الجوانب الروحية والأخلاقية وأهملت الجوانب المادية والتشريعية، والنازية تمادت في اعتزاز الإنسان بوطنه وجنسيته فأنتجت الغرور والحروب وباختصار فإن الأهداف النبيلة والنوايا الحسنة يضيع أصحابها أن لم يهدهم الله للطريق المستقيم ولهذا قيل: الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة وقال العلماء: لاعمل بدون علم، ولاشك أن بعض هؤلاء المخلصين الضائعين قد حققوا ايجابيات في المساواة والحرية والقوة والتقدم التكنولوجي ولكن الحقيقة الواضحة أن المحصلة النهائية لإعمالهم هي الفشل الذريع فروسيا تئن من الضياع الشيوعي وأمريكا عملاق تنتشر الأمراض في عقله وجسده، والنجاح هدف قامت من أجله ثورات وأنظمة ومع هذا لم يصل أصحابها إلى ما يريدون من أهداف فحققوا بعضها وفشلوا في أكثرها وكم من مخلصين وقفت معهم شعوبهم ووصلوا إلى الحكم ومع هذا وبعد سنوات أصبحوا مكروهين كما أصبحوا أكثر ضررا على شعوبهم من سابقيهم مع أن نواياهم كانت وما زالت نوايا طيبة وأصحاب النوايا الحسنة ضاعوا لأنهم يجهلون الحياة والكون والانسان ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ومن يضل الله فلا هادي له والاسلام يعمل على ترشيد النوايا الحسنة والأهداف النبيلة ويحققها فيعطي الفقراء والعمال حقوقهم كاملة ويسمح كذلك بوجود الغنى الشريف ويعطي مجالا لاعتزاز الفرد بشعبه وأمته دون أن يتحول هذا الاعتزاز الى عنصرية ويعطي كذلك مجالا للاخلاق والروحانيات ومجالا للماديات ويحقق الاسلام المساواة والعدل والحرية بطريقة واقعية وسليمة فالاسلام دين شامل يعطي كل ذي حق حقه ولا يعطي الاغنياء والفقراء أقل أو أكثر من حقوقهم ولا يجعل الجوانب المادية تطغى على الجوانب الروحية أو العكس كما أنه لا يكبت الغريزة الجنسية ولا يتركها بلا قيود أو ضوابط هو دين وسط يحقق التوازن والعدل في كل شىء فهناك حقوق الله وحقوق للعباد والدولة والحكومة والوالدين والاقارب وهكذا وما لم يستطع أن يحققه كثير من أصحاب النوايا الحسنة هو معرفة تحقيق هذا التوازن، وقد رأت الشعوب الفشل واضحا واقتنعت بأن النظرية الدافعة لهؤلاء المخلصين نظرية فاشلة وأصبح المخلصون يتحدثون عن تصحيح نظرياتهم وعقائدهم وهكذا يستمر مسلسل التصحيح الى الابد ويستمر خداع الشعوب والامم بشعارات جديدة ونبيلة وتكتشف الشعوب مع الايام ومع زيادة الوعي أن السعادة حلم وسراب والبشرية اليوم حائرة وضائعة فالتوازن عملية لا تتم الا في ظل الاسلام وحرص الرسول (e) على التوازن وحذر بشدة من الانحراف حتى لو كانت النية طيبة ولهذا قال لمن كان يقوم الليل يصلي ولا ينام ولمن يصوم ولا يفطر ولمن اعتزل النساء فلا يتزوج أنا أصوم وأفطر وأقوم الليل وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني، ولاحظوا تبرأ الرسول ممن يفقد التوازن ويبتدع في الدين لان التمادى حتى في الخير غالبا ما يكون شرا لان التوازن للفرد والحكومة والامة يختل وفقدان التوازن حدث لكثير من الفرق والاتجاهات الاسلامية فالمتصوفة ركزوا على الاخلاق والزهد تركيزا شديدا ففقدوا التوازن العقائدي والتشريعي والمعتزلة تمادوا في الاعتداد بالعقل والرأي فأصابتهم بعض عيوب الفلاسفة كالجدل والقيل والقال والخوارج فقدوا التوازن لانهم تمسكوا تمسكا أعمى بالنصوص القرأنية وأهملو العقل والفهم فضلوا. وفقدان التوزان حدث في عصرنا لحكومات وأحزاب وجماعات وأفراد وذلك مع وجود حسن النية فهناك من أعطى الحكومات سلطة أكبرها مما لها في شرع الله فضل. وهناك من أعطى الشعوب أو العلماء أو الاولياء أو الحكام أو الجماعات أكثر أو أقل مما يجب وهنالك أيضا من أعطى مصالحه الشخصية أكثر مما لها فضل وهناك من أهتم بالدنيا على حساب الاخرة، وهم كثيرون فضلوا وهناك العكس وهم قليلون فضلوا أيضا وهناك من اعطى زوجته أو أولاده أو أصدقائه أكبر أو أقل مما ينبغي فضل وشقى والتوازن مطلوب أيضا في  دائرة الفرد فهناك حقوق الله وحقوق للنفس وحقوق للاهل وهكذا فمن الخطأ أن يكون عقلك نشيطا. وجسمك كسولا، وهناك من فقد التوازن نتيجة لظروفه فاحساسه بظلم حكومة أو حزب أو اتجاه جعله يتطرف في العداوة أو البغضاء وقد يستدل بآيات وأحاديث ولكنه يتجاهل آيات أخرى لا تحقق مراده وتفضح تطرفه. والتوازن ووضع كل شىء في موضعه السليم مطلوب حتى في قضايا الاصلاح الإداري الذي يطالب به كثيرون ونواياهم حسنة ولكن قلة هم من لديهم العلم بالتخطيط والتطوير الوظيفي والتدريب والتقييم وغير ذلك من معلومات أساسية.

العلم سعادة والجهل شقاء

كلما ازددنا علما ازددنا سعادة

عندما تضيع الحقائق يضيع المخلصون فالحياة في ظلام الجهل شقاء والحياة في نور العلم سعادة قال تعالى: ﴿ أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون﴾ (122) سورة الانعام.

 

وقال تعالى ﴿ يهدي الله لنوره من يشاء﴾ سورة النور وما أكثر النور في الكتاب والسنة لو درسناهما وتفكرنا وعقلنا فلنحرص على العلم بكافة أنواعه فجزء من شقائنا منبعه الاقتناع بآراء ومفاهيم وعقائد خاطئة فكلما عرفنا الحقائق الفكرية والمادية وحقائق الواقع والتاريخ ازددنا سعادة والطرق التي أضاعت الحقائق كثيرة وهذه الطرق جعلت جزءا غير قليل من مثقفينا يرتكبون كثيرا من الاخطاء العقائدية والسياسية ويجهلون أسس الاصلاح وطبائع البشر ونخطىء عندما نظن أن المقصود بالجهل هو الامية بل الجهل هو عدم معرفة الحق من الباطل والصواب من الخطأ فالجاهل قد يكون من أصحاب شهادة الدكتوراه ولكنه مقتنع بأن لا خالق لهذا الكون أو أن الاستبداد نظام صحيح أو لديه تعصب وعنصرية لشعب أو أمة أو غير ذلك وعموما فقد دخل الجهل ولا يزال يدخل للعقل البشري من أبواب كثيرة نذكر منها.


(1)   أخذ العلم من غير أهله:

من أهم مصادر ضياع العلم أخذخ من غير أهله فمثلا وجدنا من قال أن الانسان تطور من قرد وأن ذلك حدث عن طريق الطفرة وعندما نسأل علماء الوراثة والطفرة نجد أن الطفرة التي يعرفها علماء الاحياء لم يثبت أنها نقلت جنسا الى جنس آخر أي لا تحول القرد الى انسان ابداً ووجود بعض التشابه بين القرد والانسان لا يعني أنه ليس هناك اختلافات كبيرة بينهما وبالتالي فحديث أهل الجهل عن الطفرة يسبب تزويرا للحقائق العلمية ولهذا وجدنا بعض الفلاسفة يتحدثون عن خلق الانسان وهم غير مطلعين حتى على  المعلومات الاساسية في علم الاحياء وكم من حقائق تم تزويرها لان الناس لم يسألوا أهل العلم وسألوا غيرهم قال تعالى ﴿ فاسئلوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون﴾ (7) سورة الانبياء وكم من معلومات ورآء تتداول في مجالسنا وصحافتنا واجتماعاتنا والمتحدثون في موضوع النقاش ليسوا من أهل العلم وما أكثر الحقائق الني ضاعت من هذا الباب.


(2)   غياب الادلة الفكرية:

يعتمد أسلوب الوصول للحقائق في العلم المادي وهو العلم المختص بقضايا الصناعة والزراعة والطب والهندسة وغير ذلك على أسلوب التجربة والمشاهدة والاستنتاج في حين أن هذا الاسلوب لا يوصلنا للحقائق في الالهيات والانسانيات والقوانين والشرائع فالحقائق في هذه القضايا يتم التوصل لها عن طريق الادلة الفكرية فمثلا وجدنا من قال في الأمور الغيبية أن الكون خلق من صدفة أو من صدفتين أو مائة صدفة أو غير ذلك وهذا لا يجوز فما هو الدليل الفكري على ما يقول؟ وهناك تزوير أكثر كفاءة ويقدم أدلة فكرية مزورة فنجد الشيوعيين والملاحدة يقولون أن الله غير موجود ودليلهم اننا لا نراه فهو اذن غير موجود والعقل والعلمية يفرضان علينا أن لا نحكم بوجود شيء من عدمه الا بعد بحث فمثلا لا نقول أنه لا يوجد في هذا البيت جهاز تلفاز إلا بعد أن نبحث في جميع حجرات البيت فإذا لم نجد تلفازا يصبح كلامنا حقيقة ودليل الشيوعيين مزور لانهم لم يبحثوا في هذا الكون العظيم عن الله ولم يجدوه بل أن الله حسب اعتقادنا هو خالق هذا الكون ففي هذا الكون كواكب ونجوم ومجرات تحتاج الى ملايين السنين حتى نعرف ما يوجد فيها فكيف يحق للشيوعيين اعتبار عدم وجود الله حقيقة علمية فكلامهم مدعوم بدليل مزور ومع هذا نفوا صحة الدين وصدق الانبياء وشرعوا للانسان ولا دليل لديهم يقبله العقل.


(3)   الثقة الزائدة بحجم ما نعلم:

أحد أبواب الضلال هو اعتقاد العلماء والناس بأن ما يعرفونه من العلم هو شىء كثير ونحن نعلم عن يقين أن علم العلماء محدود وسيبقى محدودا الى أن يرث الله الارض ومن عليها والدليل هو قوله تعالى﴿وما أوتيتم من العلم إلا قليلا﴾ (85) سورة الاسراء فما يعرفه علماء الارض من علم هو قليل، فكيف بما يعرفه عالم أو علماء فثقة الناس الكبيرة في العلماء بحاجة الى ترشيد وخاصة عندما يتعارض علمهم مع حقائق الدين أو عندما يبدأ العلماء كما حدث في الغرب في التشريع للانسان والتكلم عن السعادة والشقاء وأمور التربية والاخلاق فزلة العالم يزل بها عالم ولقد كان علماؤنا مع استرشادهم بحقائق الكتاب والسنة يحترمون العلم ويعلمون أن الكلمة أمانة فقد سئل مالك بن أنس رضي الله عنه عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها لا أدري وكان عبدالله بن زيد يقول (ينبغي للعالم أن يورث جلساءه من بعده لا أدري حتى يكون أصل منه في أيديهم إذ سئل أحدهم عما لا يعلم أن يقول: لا أدري وسئل أبو يوسف عن شىء فقال ( لا أدري، قيل له تأكل من بيت المال كل يوم كذا وكذا وتقول لا أدري فقال (أكل منه بقدر علمي ولو أكلت بقدر جهلي ما كفاني ما في الدنيا جميعا) وقال اعرابي ﴿لا تقل فيما لا تعلم فتتهم فيما تعلم﴾ وقال علماؤنا: من قال لا أدري فقد أفتى ومع ما أنتجه الانسان من تكنولوجيا حديثة ومتطورة  جدا كالآلات الحاسبة والطائرات والصواريخ وغير ذلك الا أن مساحة الجهل ما زالت وستبقى هي السائدة فما نعرفه عن الكون بنجومه وكواكبه هو شىء قليل لو قارناه بما نجهل ولو اجتمع علماء الارض كلهم لاحياء ميت مات قبل دقائق لعجزوا ولو اجتمعوا على خلق ذبابة لعجزوا فإذا كان علمنا كله عاجزا عن ذلك فأي علم وقدرة تلك التي خلقت بلايين النجوم والبشر والكائنات قال تعالى﴿أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون﴾ (17) سورة النحل. وقال تعالى ﴿هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين﴾ (11) سورة لقمان. وقال تعالى ﴿ ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له أن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وأن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب﴾ (73) سورة الحج.


(4)   الاحاديث الموضوعة والتاريخ المزور:

نظن أحيانا أننا نعرف الحقائق التاريخية بتفاصيلها فأحداث الفتنة التي حدثت في عهد عثمان أو غيرها واضحة لدرجة أن كل أو أغلب مانطق به أصحاب العلاقة معروف لنا مع أننا لم نكن مشاركين بالاحداث ولانطمئن الى كثير من المصادر لعدم حيادها أو لعدم تواجدها في مركز الحدث أو لعدم وجود وسائل أمينة لنقل المعلومات أو لجميع هذه الاسباب ولقد تم تشويه صور كثير من الصحابة والخلفاء والابطال بروايات مختلفة تتهمهم بالانانية أو الجهل أو الفسق أو الكذب ولماذا نذهب بعيدا الا يكفي أن نقول أن أغلبنا صدق لسنوات طويلة أن أحد أسباب هزيمتنا في حزيران 67 هو أن اغلب الطيارين المصريين كانوا في حفل ساهر في ليلة 5 يونيو ولكن وجدنا بعد سنوات طويلة من يصرح من كبار المسؤولين المصريين ممن لديهم علم بالحقائق أنه لم يكن هناك حفل ساهر وأن استثمار هذه الاشاعة أو تأليفها كان لاسباب معينة وحدث هذا التزوير وعرفنا أنه تزوير بعد سنوات طويلة ولم نكتشفه بأنفسنا مع وجود الجرائد وسهولة نقل المعلومات وكثرة المتخصصين بالسياسة والعلوم العسكرية فماذا نقول عن أحداث كثيرة حدثت في ظل غياب أغلب هذه الامكانات ويكفي أن نعرف أن أحاديث الرسول (e) وهي الاحاديث التي أهتم بها الصحابة والتابعون والعلماء وعملوا أن طاعة الرسول (e) من طاعة الله حاول كثيرون تزويرها الى درجة أن أصبحت الاحاديث الموضوعة والضعيفة بالآلاف والحمدالله أن العلماء ركزوا جهودهم وفضحوا الاحاديث الموضوعة وصنفوا الكتب الكثيرة في علم الحديث وما زالت الاحاديث الموضوعة والضعيفة مصدر ضلال فلنحذرها فشرها كبير وأثرها عظيم ولنبتعد عن ربط علمنا بأحداث تاريخية مزورة فلا يبني على أحداث التاريخ عقائد أو شرائع فالاسلام هو الكتاب والسنة.

السعادة بين النظرية والتطبيق


        بينا في مقالات سابقة أن الطريق إلى السعادة يتطلب الالتزم بعقائد الاسلام الصحيح وأحكامه واحيانا نظن اننا نعبد الله وملتزمون بالاسلام ولكن حقيقة الأمر أن عبادتنا مشوهة او مفرغة من معانيها ولهذا تبقى السعادة سرابا لا حقيقة له في حياة الكثيرين فمثلا شهر رمضان هو شهر العبادة والقرآن والذكر والصدقات ولكننا حولناه إلى شهر الأكل وملأناه بالسهرات الطويلة والبرامج التلفازية المنوعة والصلاة التي هي عمود الدين لا يلتزم بها كثيرون فكيف نبحث عن السعادة والله سبحانه وتعالي يقول ﴿فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون﴾ (5) سورة الماعون وترك الصلاة ليس اهمال جزئية بسيطة من الدين بل تركها هو ترك للدين كله كما بين الامام احمد بن حنبل في كتابه رسالة الصلاة حيث قال [وجاء الحديث عن النبي (e) أنه قال: "اول ما تفقدون من دينكم الامانة وأخر ما تفقدون منه الصلاة وليصلين أقواما لا خلاق لهم"([9]). وجاء الحديث "ان أول ما يسال عنه العبد يوم القيامه من عمله الصلاة فان تقبلت منه صلاته تقبل منه عمله وان ردت عليه صلاته رد سائر عمله" فصلاتنا اخر ديننا وهي أول مانسأل عنه غدا من أعمالنا فليس بعد ذهاب الصلاة اسلام ولا دين فاذا صارت الصلاة آخر ما يذهب من الاسلام فكل شئ يذهب أخر فقد ذهب جميعه].


    والحديث في شرح واقع المسلمين اليوم ونصيب الاسلام الصحيح من التطبيق حديث يطول ولكن ساكتفي بالتطرق بشئ من التفصيل لعبادة الشكر فنحن مقصورن في فهم وأداء هذه العبادة فكثير منا يظنون ان أكبر نعم الله علينا وأهمها هي نعمة المال ولو فكرنا لوجدنا أن نعم الله لا تحصى وأنها متاحة للفقير والغني فالسمع والبصر والعقل والاهل والابناء والصحة والهواء والماء والتوحيد وغير ذلك كثير هي بعض من نعم الله قال الحسن "من لا يرى لله عز وجل عليه نعمة الا في مطعم أو مشرب او لباس فقد قصر علمه وحضر عذابه" ومن الجهل الشديد ألا يعرف الانسان هذه النعم ويشكر الله عليها فنحن وللاسف لا نشكر الله على نعمة الصحة إلا بعد أن تصيبنا الامراض ونحن لا نرضى بأن نفقد عينا أو يداً حتى لو دفع لنا المال الكثير ومع هذا لا نشعر بقيمة هذه النعمة كما اننا نادرا ما نشكر الله على نعمة العقل وهي نعمة كبيرة نميز بها الخير من الشر ولا نشعر بنعمة الاقارب إلابعدأن نعيش في غربة ولا نشعر بنعمة الماء إلا بعد أن تجف الارض وتحل بنا المجاعات ومن الغفلة الا نشعر بهذه النعم الا بعد أن نفقدها مع أننا نعلم أن النعم بالشكر تدوم وبالكفر تزول قال تعالى ﴿واذ تأذن ربكم لئن شكرتكم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد﴾ (7) سورة ابراهيم وقال ابن قدامة المقدسي في مختصر منهاج القاصدين بعدأن ذلك جملة من النعم التي أنعم الله عز وجل بها على بنى آدم" أعلم: أن الخلق لم يقصروا عن شكر النعمة الا للجهل والغفلة فانهم منعوا بذلك عن معرفة النعم، ولا يتصور شكر النعمة الا بعد معرفتها، ثم أن عرفوا نعمة ظنوا أن الشكر عليها أن يقول احدهم بلسانه: الحمدلله ولم يعرفوا ان معنى الشكر أن تستعمل النعمة في اتمام الحكمة التي اريدت بها وهي طاعة الله تعالى. أما الغفلة عن النعم فلها أسباب: أحدها: أن الناس لجهلهم لا يعدون ما يعم الخلق في جميع أحوالهم نعمة فلذلك لايشكرون على جملة مما ذكرناه من النعم لانها عامة الخلق مبذولة لهم في جميع أحوالهم فلا يرى واحد منهم اختصاصا به فلا يعده نعمة فلا تراهم يشكرون الله على الهواء ولو أخذ بمخنقهم لحظة حتى انقطع الهواء عنهم ماتوا ولو حبسوا في حمام أو بئر ماتوا غما فان ابتلى احدهم بشئ من ذلك ثم نجا قدر ذلك نعمة يشكر الله عليها وهذا غاية الجهل اذ صار شكرهم موقوفا على أن تسلب عنهم النعمة ثم ترد اليهم في بعض الاحوال، فالنعم في جميع الاحوال أولى بالشكر فلا ترى البصير يشكر صحة البصر الا أن يعمى فإذا أعيد بصره أحس بالنعمة وشكرها حينئذ وعدها نعمة وهو مثل عبد السوء يضرب دائما فاذا ترك ضربه ساعة شكر وأن ترك ضربه أصلا غلبه البطر وترك الشكر"ومن الشكر أن لا ننفق أموالنا في الحرام وان لا نخدع بعقولنا الذكية من هو أقل منا ذكاء وان لا نستغل قوة الاهل أو القبيلة أو المركز في ظلم الضعفاء وأن لا ننظر إلى ما حرم الله قال ابن تيمية في تعريف الشكر "هو أداء الواجبات الشرعية" وقال ابن القيم "هو العمل بالطاعة".

الذنوب منبع الشقاء


        ابتلينا والحمد لله على كل حال ببعض المثقفين الذين لا يؤمنون بأن اخطر أعدائنا هي معاصينا، فالطاعات هي سبب كل خير وسعادة ونصر، والمعاصي هي سبب كل شر وشقاء وهزيمة، قال ابن القيم [وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الامم على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها على ان التقرب إلى رب العالمين وطلب مرضاته والبر والاحسان إلي خلقه من أعظم الاسباب الجالبة لكل خير واضدادها من أكبر الاسباب الجالبة لكل شر فما استجلبت نعم الله تعالى وأستدفعت نقمه بمثل طاعته والتقرب إليه والاحسان إلى خلقه وقد رتب الله سبحانه حصول الخيرات في الدنيا والاخرة وحصول الشرور في الدنيا والاخرة في كتابه على الاعمال ترتب الجزاء على الشرط والمعلول على العلة والمسبب على السبب وهذا في القرأن يزيد على ألف موضع فتارة يرتب الحكم الخبري الكوني والامر الشرعي على الوصف المناسب له كقوله تعالي ﴿فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين﴾ سورة الاعراف، وقوله ﴿فلما ءاسفونا انتقمنا منهم﴾ سورة الزخرف] وقال عبدالله بن مسعود "إذا ظهر الزنى والربا في قرية أذن الله عز وجل بهلاكها" وقال ابن القيم [وها هنا نكته دقيقه يغلط فيها الناس في أمر الذنب وهي أنهم لايرون تأثيره في الحال وقد يتأخر تأثيره فينسى"]. وقال ["وسبحان الله ماذا أهلكت هذه النكتة من الخلق؟ وكم أزالت من نعمة؟ وكم جلبت من نقمة؟ وما أكثر المغترين بها من العلماء والفضلاء، فضلا عن الجهال؟ ولم يعلم المغتر أن الذنب ينقض ولو بعد حين كما ينقض السم وكما ينقض الجرح المندمل على الغش والدغل]، ولقد بين الله سبحانه وتعالى ان رحمته للمحسنين والطائعين والتائبين وليست للعاصين قال تعالى ﴿ان رحمة الله قريب من المحسنين﴾ سورة الاعراف، وقال ابن القيم [فيالله ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله اذا لقوه ومظالم العباد عندهم فان كان ينفعهم قولهم حسنا ظنونا بك أنك لم تعذب ظالما ولافاسقا فليصنع العبد ما يشاء وليرتكب كل ما نها الله عنه وليحسن ظنه بالله فان النار لا تمسه فسبحان الله؟ما يبلغ الغرور بالعبد وقد قال ابراهيم لقومه ﴿أئِفكا آلهة دون الله تريدون؟ فما ظنكم برب العالمين﴾ سورة الصافات، اي ما ظنكم به ان يفعل بكم اذ لقيتموه وقد عبدتم غيره ومن تأمل هذا الموضوع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه فان العبد انما يحمله على حسن العمل حسن ظنه بربه أنه يجازيه على أعماله ويثيبه عليها ويتقبلها منه فالذي حمله على حسن العمل حسن الظن فكلما حسن ظنه بربه حسن عمله والا فحسن الظن مع اتباع الهوى عجز كما في الترمذي والمسند من حديث شداد بن أوس عن النبي (e) "قال الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله" وبالجملة فحسن الظن انما يكون مع انعقاد أسباب النجاة واما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتي إحسان الظن].

- المعاصي تذهب الخيرات وتزيل النعم وتجلب المصائب:

    قال ابن القيم [ومن عقوبات الذنوب أنها تزيل النعم وتحل النقم فما زالت عن العبد نعمة الا بذنب ولا حلت بعبد نقمة الا بذنب كما قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه "ما نزل بلاء الا بذنب ولا رفع الا بتوبة" وقد قال تعالي ﴿وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير﴾ سورة الشورى، وقال تعالى ﴿ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾ سورة الانفال] وقال ابن القيم [ومن أثار الذنوب والمعاصي أنها تحدث في الارض أنواعا من الفساد في المياه والهواء والزروع والثمار والمساكن قال تعالى ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون﴾ سورة الروم].


2- حرمان العلم:

   المعاصي تذهب العلم وتزرع الجهل، والطاعات تورث الحكمة والبصيرة والامم المطيعة هي الامم المهتدية والقوية لان البناء في نور العلم ليس كالبناء في ظلمات الجهل فالصواب في الاسس والاجتهادات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعقائدية مرتبط ارتباطا وثيقا بالطاعات قال تعالى ﴿ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور﴾ سورة النور، وقال تعالى ﴿يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر الا أولو الالباب﴾ سورة البقرة، فجهل الشعوب وتخلفها العلمي لا يعالج فقط ببناء المدارس والجامعات بل لا بد من العمل بالطاعات واجتناب المعاصي. ولنفرق بين العلم والمعرفة النظرية للحق والصواب فالطاعة تحول ما ندرس من معلومات صحيحة وأخلاق فاضلة إلى واقع عملي نطبقه والمعصية تجعله مثاليات ندرسها ولكننا لسنا على استعداد لتطبيقها، وبالتالي فبركة المعرفة ونور العلم لا تظهر في المجتمعات العاصية فالعلم بدون تطبيق كالجهل تماما. قال ابن القيم [لما جلس الامام الشافعي بين يدى الامام مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته وتوقد ذكائه وكمال فهمه فقال: اني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية].

 

3- المعاصي تسبب نسيان الله للعبد ونسيان العبد لنفسه:

   قال ابن القيم [ومن عقوباتها أنها تستدعي نسيان الله لعبده وتركه وتخليته بين وبين نفسه وشيطانه وهناك الهلاك الذي لا يرجى معه نجاة. قال تعالى ﴿يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله أن الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون﴾ سورة الحشر، فامر بتقواه ونهى أن يتشبه عباده المؤمنون بمن نسيه بترك تقواه وأخبر أنه عاقب من ترك التقوى بأن أنساه نفسه أي أنساه مصالحها وما ينجيها من عذابه وما يوجب له الحياة الابدية وكمال لذتها وسرورها ونعيمها وقال ابن القيم ["ونسيانه سبحانه للعبد إهماله وتركه وتخليه عنه واضاعته فالهلاك أدنى إليه من اليد للفم واما أنساؤه نفسه فهو أنساؤه لحظوظها العالية واسباب سعادتها وفلاحها وصلاحها وما تكفل به ينسيه ذلك جميعه فلا يخطر بباله ولا يجعله على ذكره ولا يصرف إليه همته فيرغب فيه فأنه لا يمر بباله حتى يقصده ويؤثره ايضا فينسيه عيوب نفسه ونقصها وآفاتها فلا يخطر بباله إزالتها].

 

4- الذل من نتائج المعاصي:

   ومن عقوبة المعاصي ما ذكره ابن القيم ["ومنها أن المعصية تورث الذل ولا بد فان العز كل العز في طاعة الله تعالي قال تعالى ﴿من كان يريد العزة فلله العزة جميعا﴾ سورة فاطر، أي فليطلبها بطاعة الله فأنه لا يجدها الا في طاعة الله وكان دعاء بعض السلف: "اللهم أعزني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك" وقال الحسن البصري: أنهم وان طقطقت  بهم البغال وهملجت  بهم البراذين، إن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم ابى الله الا أن يذل من عصاه"] وقال رسول الله "اذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" .

 

5- المعصية تجر المعصية والطاعة تجر الطاعة:

   قال ابن القيم [ان المعاصي تزرع أمثالها ويولد بعضها بعضا حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها كما قال بعض السلف: "ان من عقوبة السيئة السيئة بعدها وأن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها" فالعبد اذا عمل حسنة قالت أخرى الى جانبها: اعملني ايضا فاذا عملها قالت الثالثة كذلك وهلم جرا فتضاعف الربح وتزايدت الحسنات وكذلك جانب السيئات أيضا حتى تصير الطاعات والمعاصي هيئات راسخة وصفات لازمة وملكات ثابتة فلو عطل المحسن الطاعة لضاقت عليه نفسه وضاقت عليه الأرض بما رحبت وأحس من نفسه بأنه كالحوت  إذ فارق الماء حتى يعاودها فتسكن نفسه وتقر عينه ولو عطل المجرم المعصية وأقبل على الطاعة لضاقت عليه نفسه وضاق صدره] وقال الاستاذ احمد باقر قال رسول الله (e) "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم"  وبمقدور اى مسلم عاقل أن يلاحظ هذا الختم على القلوب الذي يترتب على المعصية تلو المعصية فالاقدام على جريمة الزنى او شرب الخمر يكون أمرا صعبا للمرة الاولى ولكنه يضحي في غاية السهولة لدى الموغلين في المعصية وهذا الختم على القلوب ليس قصرا على تكرار الكبائر قد يؤدي الاصرار على صغار الذنوب إلى مصير مشابه" 

 

6- المعاصي تمنع استجابة الدعاء:

   الله لا يستجيب لدعاء العاصي قال ابن القيم من موانع إستجابة الدعاء [وإما لحصول المانع من الإجابة من أكل الحرام ورين الذنوب على القلوب واستيلاء الغفلة والشهوة واللهو وغلبتها عليها] وقال ابن القيم [وكثيراً ما نجد أدعية دعا بها قوم فاستجيب لهم ويكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه وإقباله على الله أو حسنه تقدمت منه جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكراً لحسنته أو صادف وقت اجابة ونحو ذلك].

 

7- حرمان الغيرة:

   ومن عقوبة المعاصي ما قال الامام ابن القيم [كلما إشتدت ملابسته (العبد) للذنوب أخرجت من قلبه الغيره على نفسه وأهله وعموم الناس وقد تضعف في القلب حداً حتى لا يستقبح بعد ذلك القبيح لا من نفسه ولا من غيره وإذا وصل إلى هذا الحد فقد دخل في باب الهلاك وكثير من هؤلاء لا يقتصر على عدم الاستقباح بل يحسن الفواحش والظلم لغيره ويزينه له ويدعوه إليه ويحثه عليه ويسعى له في تحصيله ولهذا كان الديوث أخبث خلق الله والجنة حرام عليه] وقال أيضاً [وهذا يدلك على أن اصل الدين الغيرة ومن لا غيرة له لا دين

له فالغيرة تحمي القب فتحمي له الجوارح فتدفع السوء والفواحش وعدم الغيرة تميت القلب فتموت له الجوارح].


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زوار